كوريا الشمالية.. محاولة انتحار نووية....

كوريا الشمالية هي أكثر  دولة توقف الزمن عندها وما عاد يسير بوتيرته الطبيعية.. بيونغ يانغ تجاوزت نظامها الشيوعي وجدليته الماركسية وغرقت في نظامها الشمولي الذي وصلت فيه عبادة الفرد درجات لا سابق لها  إلا في امبراطوريات ما قبل التاريخ في الصين ومصر الفرعونية..  لم ينجح، كما هي العادة، هذا النظام الشمولي في إقامة تنمية اقتصادية كما في الشطر الجنوبي بل عاني ولا يزال من أوضاع اقتصادية سيئة وصلت حد المجاعة ..  المجال الذي نال الاولوية وحققت الدولة من خلاله انجازات هامة هو ميدان الطاقة النووية  وصناعة الصواريخ حيث وصلت خطى الدولة  إلى المنتهى بتصنيع قنابل نووية وتجربة ثلاث منها.. كما أنها صنعت أجيالا من الصواريخ متوسطة وبعيدة المدى نجحت في آخر تجربة إطلاق بداية العام الجاري في وضع قمر اصطناعي في المدار.. المهم كوريا الشمالية تمارس الابتزاز .. وهذا أمر لا شك فيه.. وهي مارسته سابقا مرارا.. إلا أنه في هذه المرة أخذ أبعادا خطيرة  في جرعته..  أعتقد أن النظام  يريد بهذا الزعيق الذي يصدره أن يتحصل على مكاسب أكبر مما عُرض عليه سابقا... عرضت عليه واشنطن كميات كبيرة من المواد الغذائية مقابل إغلاق برنامجه النووي العسكري.. ويبدو أنه حقق إنجازا ما يعتقد هذا القائد الوريث الشاب أنه يستطيع عبره تغيير موازين القوة في شبه الجزيرة الكورية وربما خارجها... المهم أعتقد أن بلاده تمكنت من صنع قنابل نووية تكتيكية صغيرة الحجم .. وهي بالمناسبة مهمة صعبة جدا كما يقول الخبراء... في المحصلة لن تستطع كوريا الشمالية بنظام العبودية الذي أقامته ورسخته على مدى أجيال أن تحقق اي شيء يذكر.. لن تستطع بيونغ يانغ الصمود في حرب نووية او تقليدية مع كوريا الجنوبية واليابان مع وجود عسكري أمريكي قوي إذ أنها غير قادرة على توفير الأرز لجيشها الضخم ولشعبها الوفي .. كثير البكاء حين يحظى بالاقتراب من قيادته المقدسة... أما تحديه للولايات المتحدة فميزان القوى يضعه في خانة النزوات الطارئة والحُمى التي عادة ما تصيب الانظمة الشمولية بنوبات من الصرع... أكبر خطر  يهدد المنطقة والعالم يأتي من اشتعال شرارة الحرب فجأة ومن دون قصد.. كوريا الشمالية يمكنها اجتياح الجنوبية لفترة وجيزة إلا أنها لا يمكن أن تفوز في  أي حرب مقبلة بخاصة مع تغير موازين القوى في المنطقة وابتعاد حليفتها الصين عنها مؤخرا... وكوريا الشمالية ايضا لن تجازف باستعمال السلاح النووي لأن ذلك يعني فناءها.. هي تهدد رغبة في أن تخيف الولايات المتحدة والعالم وتدفع المجتمع الدولي إلى تقديم مساعدات اقتصادية لها تنتشلها من أزمتها الخانقة التي حشر النظام  دولته فيها من خلال تركيزه على إنتاج الصواريخ والقنابل النووية ومختلف أنواع الأسلحة وتجاهله للغذاء وللسلع التموينية وغيرها...