2015/03/14

الهوية الأمازيغية بين عهدين



 حلّ القذافي مسألة الهُوية الأمازيغية بشكل جذري، وفق طريقته المعتادة القطعية، من خلال الجزم بأن "البربر" هم عربٌ أقحاح أتوا من اليمن في هجرات قديمة.
تبعًا لهذا المنطق، وجد الأمازيغ الليبيون أنفسهم في دولة القذافي الكئيبة محرومين بحكم القانون من مجرد إطلاق أسمائهم الخاصة على ذريتهم كي يذوبوا ويندمجوا في نسيج اجتماعي، أراد له الزعيم أن يكون بلون واحد ومن دون أي خيوط تشذ عن طرازه العربي "الأصيل".
وهكذا، عاش الأمازيغ بهوية قسرية طيلة عقود، لكنهم بالطبع ظلوا (أمازيغ) في بيوتهم وفي بلداتهم وفي عاداتهم وفي أذواقهم وفي أحاسيسهم، بل زاد هذا النفي من تمسكهم بهويتهم التي توارثوها منذ آلاف السنين، وما كان لقرار مهما كانت سطوته أن يوقف انتماءهم أو يلغيه.
لم تتوقف محاولات القذافي طمس الهوية الأمازيغية عند هذا الحد، بل ذهب بعيدًا في ثمانينات القرن الماضي، إذ حرّض في كلمة له أمام تلاميذ وطلاب إحدى البلدات الأمازيغية على سحل وقتل كل من يشكك في أصلهم العربي ومن دون أي محاكمة، من جانب آخر، دأب ممثلوه في المنظمات الدولية المتخصصة عند مناقشة قضايا الأقليات على إنكار وجود "أمازيغ" أصلاً في ليبيا، متهمين بعض النشطاء الأمازيغ الليبيين الذين يحاولون إثارة هذه القضية، بأنهم أمازيغ من دول مجاورة ينتحلون الهوية الليبية.
رفع الأمازيغ، بعد طي صفحة القذافي، أصواتهم مطالبين بحقوقهم الثقافية الطبيعية، إلا أن الفوضى الأمنية والسياسية التي غرقت في دوامتها البلاد، أعاقت أي حوار عقلاني يمكن من خلاله التفاهم على أسس جديدة للعيش المشترك بين مختلف مكونات المجتمع الليبي.
دار الجدل حول الحقوق الأمازيغية الثقافية في أجواء مشحونة بالتوتر وبالفوضى وبالصراع المحموم على السلطة شأنه في ذلك شأن سائر المناكفات الأخرى الدائرة بين القوى المختلفة في البلاد، مما أدى إلى ظهور مواقف متشددة من الطرفين تعكس غياب ثقافة الحوار الديمقراطي وقيم التسامح والروية في حل مشكلات حساسة كانت لمدة طويلة تعد من المحرمات.
وفي هذا الصدد اتسم موقف المرجعية الدينية الرسمية، متمثلة بالمفتي، من مطلب دسترة اللغة الأمازيغية بالريبة والشك؛ حيث وصف الصادق الغرياني الحراك الأمازيغي بأنه مثل التوجه الفيدرالي شرق البلاد، ثورة مضادة وباب للنزاع.
في الطرف الآخر، ارتفعت أصوات أمازيغية تهدد باللجوء إلى السلاح "دفاعًا" عن حق دسترة اللغة الأمازيغية، وإلى التلويح بالمطالبة بحكم ذاتي مثل أكراد العراق، ما يشير إلى مدى قابلية البعض الصدام، واستعدادهم لاستخدام كل الوسائل بما في ذلك القوة من دون حرج أو تبصر.
مثل هذه النزعات تشير إلى أن الصراعات المفتوحة بمجملها الآن، تتجاوز المطالبة بالحقوق الطبيعية ضمن مشروع عام، يؤسس أرضية قانونية عادلة لحق أساسي هو المواطنة، وتستبدل هذه الأرضية الحاضنة بالعصبية القبلية أو العرقية أو الجهوية ما يهدد السلم الاجتماعي ويزيد من تعقيد أزمتنا الراهنة، وربما يتسبب في مضاعفات كارثية أكثر تفجرًا.
والجدير بالملاحظة أن المطالب الأمازيغية على الرغم من أنها لم تجد آذانًا صاغية، فهي في الوقت نفسه طُرحت بشكل استفزازي مشروط، ولم تكن واضحة بشكل كافٍ، وبخاصة مسألة دسترة اللغة الأمازيغية.
والسؤال الذي لا أجد إجابة له هو، كيف يمكن المطالبة بدسترة لغة لا وجود ماديًا لها، اقتصر استخدامها على التواصل الشفهي زمنًا طويلاً؟
كيف يمكن دسترة لغة تعرضت للطمس مئات السنين، قبل أن يعكف أبناؤها على إحيائها وتشذيبها، واستكمال أركانها وتوحيد معانيها واستنباط قوانينها، والرقي بها إلى مستوى الإنتاج من خلال الإبداع الأدبي والفكري؟
 تعرضت اللغة الأمازيغية، كما هو معروف، لظروف تاريخية جعلت منها رهينة "غزو" وحصار ثقافي استمر مئات السنين، الأمر الذي نتج عنه ضمورها وتقلصها وفقدانها أبجديتها الأصلية.
أعادت تلك الظروف التاريخية القاسية تشكيل اللغة الأمازيغية، في" لهجات" متنوعة في مراكز سكانية منعزلة في أرجاء الجبل الغربي وعلى الساحل في زوارة، وفي جنوب البلاد حيث يوجد الطوارق، هذه "اللهجات" تباينت في مفرداتها وفي نطقها من منطقة إلى أخرى، بما في ذلك المتقاربة مكانيًا.
هذه الظروف القسرية التي أحاطت باللغة الأمازيغية لا تمس، بأي حال، حق الأمازيغ الليبيين في نيل حقوقهم الطبيعية كاملة، وبخاصة تعلم لغتهم الأم واستعمالها في كل ما يمكن أن تصلح له، بما في ذلك ترسيمها إذا كانت مؤهلة لمثل هذا الدور، لذا يتوجب على الأمازيغ إثبات ذلك أولاً لأنفسهم، ومن ثم المطالبة بعقلانية بحقوقهم الطبيعية بالطرق السلمية من دون غلو أو اشتراط حتى لا يُخالط الحقَ باطلٌ.

الدولة وسدنة الفوضى الجدد




 رافق سقوط نظام القذافي الهلامي تلاشي الدولة القائمة وانهيار التوازنات القبلية والجهوية التي تعايشت في نسيج موحد منذ الاستقلال عام 1951.
هذا المصير نُكبت به ليبيا من دون دول "الربيع" العربي الأخرى، ويعود ذلك بصورة خاصة إلى أن القذافي دأب على إضعاف الجيش وتفكيك مؤسسات الإدارة السياسية واستبدالها بأخرى متغيرة ولا فعالية لها، فيما احتفظ في خيمته بسلطات لا حدود لها.
تداعيات اختفاء مؤسسات الدولة الهشة واستشراء الفوضى وتعدد مصادر القرار ومراكز القوى القبلية والأيديولوجية المسلحة في ليبيا تشبه إلى حد كبير ما حصل ولا يزال في الصومال عقب سقوط نظام محمد سياد بري العام 1991، وأيضًا ما حدث في أفغانستان بعد انسحاب القوات السوفييتية.
ساهمت الفوضى العارمة وغياب أجهزة الدولة الأمنية والدفاعية بليبيا في ظهور جماعات متطرفة استحوذت، كما غيرها من القوى، على نصيب من السلاح، وتغلغلت في عدة مدن وقرى شرق البلاد وغربها وجنوبها.
هذه الجماعات، التي كان القذافي طارد عناصرها بلا هوادة، نفذت سلسلة من الاغتيالات في مدينتي بنغازي ودرنة طالت رجال الأمن والجيش والقضاء بهدف الانتقام ممن تعدهم "حرّاسا" لنظام القذافي، ولدرء "خطر" محتمل يمثلونه إذا ما استعادت "الدولة" أنفاسها.
تواصلُ عمليات استهداف عناصر لها علاقة بأجهزة تمثل "هيبة الدولة" شرق ليبيا، وتزايد أساليبها قسوة ودموية، يشير إلى أن هؤلاء حزموا أمرهم على استغلال الفرصة الذهبية المتاحة لإقامة "نعيمهم الأرضي" بقوة الحديد والنار، مثلهم في ذلك مثل القذافي من ناحية الجوهر، وهذه المرة برخصة مقدسة منحوا من خلالها لأنفسهم حق الوصاية الأرضية والسماوية، وبمنهج لا يرى غضاضة في فتح بوابات الجحيم في الدنيا من أجل استحقاق الآخرة.
وفيما تنهمك قوى سياسية بأذرع مسلحة أخرى في الصراع على السلطة من خلال المؤتمر الوطني العام والحكومة الانتقالية تتقوى هذه الجماعات الإسلامية المتطرفة وتعزز صفوفها بـ"جنود" من الداخل والخارج، كما يتزايد نفوذها من خلال فرضها "شريعتها" على سكان مدن وقرى تحت سيطرتها.
واقع الحال يشير إلى أن عدة جماعات بدأت في إقامة "إمارات" محلية غير معلنة، وهي تتسلح وتتدرب لمقاتلة ما ترى أنه محيط كافر.
واقع الحال يشير إلى أن عدة جماعات بدأت في إقامة "إمارات" محلية غير معلنة، وهي تتسلح وتتدرب لمقاتلة ما ترى أنه محيط كافر، وتستغل هذه الجماعات، كما بقية القوى القبلية والجهوية، الفوضى الراهنة بهدف فرض سلطة الأمر الواقع، استعدادًا لأي نزال ضمن معادلة يزداد فيها الفراغ الناتج عن غياب هيبة الدولة، وهو وضع يشبه ما كان سائدًا في أفغانستان عند بروز حركة طالبان.
من جهة أخرى، غياب أجهزة الدولة عن الرقعة الجغرافية الليبية المترامية الأطراف ووجود إمكانيات اقتصادية كبيرة وبيئة حاضنة، جعلت من البلد جنة للمتطرفين، وبخاصة أصحاب التجارب القتالية في أفغانستان وفي الجزائر وفي العراق وفي سورية وفي مصر وماليزيا!
وعلى الرغم من وجود عملية سياسية ترمي إلى بناء مؤسسات للدولة ديموقراطيًا، إلا أن الصراع الحقيقي في ليبيا بحكم طبيعة مجتمعها التاريخية والحضارية يمر عبر القوة لا عبر آليات مسالمة.
من هذا المنطلق، يمكن القول إن الصراع الحقيقي في ليبيا يتشكل الآن بين ما يمكن وصفها بالقوى المناصرة للدولة من إسلاميّين معتدلين وقبليين وغيرهم، وأخرى معادية للدولة يكمن خطر بعضها في أنه يستمد أفكاره المتطرفة من أكثر التنظيمات غلوًا، وهذا البعض يتجاوز في أطروحاته تنظيم القاعدة ليلتحق بركب "داعش".
لا يحظى هذا الصراع فيما يبدو باهتمام كاف على كافة الصعد، وإذا تورطت القوى الإسلامية القريبة من السلطة والقوى القبلية البعيدة عنها في حرب مفتوحة، كما تشير إلى ذلك دلائل عدة، فإن تجربة حركة طالبان في أفغانستان، قد تتكرر في ليبيا باتحاد الجماعات المتطرفة وإجهازها على القوى المنافسة بعد أن تخرج من الحرب الأهلية منهكة.
هذا الاحتمال ترجحه شواهد عدة أهمها ما يظهر من ضيق أفق قيادات متنفذة في صفوف القوى السياسية المسلحة المتصارعة على السلطة، ومن فقر تكوينها السياسي والثقافي كما دلّ على ذلك سلوكها ومواقفها حيال قضايا ما بعد القذافي الملحة.
إذا نجح مثل هذا السيناريو وتمكنت الجماعات المتطرفة من السيطرة على السلطة، فستفتح أنابيب النفط لطمأنة الغرب واتقاء شره، وستغلق البلاد خلف أسوار العزلة وتتفرغ لـ "تقويم" الرعية وإصلاحها بعيدًا عن بدع الغرب وضلالاته.

(مقالة نُشرت في شهر مايو 2014 )

2013/12/21

بلاد في مهب النزوات

حين تهدم سور البلد.. لم تهبط الحرية من السماء، بل تفجرت براكين الجحيم من تحت الأقدام.
حين انهار سور البلد، واقتلعت الريح خيمة ملك الملوك، انهمك المقموعون نصف قرن في جمع الغنائم وانتزاعها والوطن يتفسخ ويضمحل.
ما عاد يحمي ليبيا غير كثبان صحاريها وطوق من سعف النخيل ونحو ربع مليون مواطن تحت السلاح يجلسون في بيوتهم يتسامرون عن الأزلام والدخلاء وأبناء آوى.
بعد انتهاء غزوة إسقاط النظام استبيحت البلاد حتى إشعار آخر، وصار كل شيء مباح للبيع  والسطو والجمع والتقسيم ، والأعذار جاهزة بعد أن تهدمت الأسوار واستمرأ الناس طعم الخطيئة.
لا يهم ضياع الأمن ولا نهب الثروات ولا غيبة الضمير  وغياب الله الذي يُستهلك اسمه في هذي البلاد أكثر من أي مكان آخر..
 لا يهم قطع الرؤوس والقتل اليومي المترصد والخطف والتنكيل .. لا تهم الفضيحة والعار طالما أنها تدر المال وتمنح السلطة والجاه، ولا رقيبا عليك في الدنيا.

لا تهم ورطة البلاد التي يخوض أهلها حرب استنزاف ضدها كما لو كانت غريبة  محتلة، أو أن يوم القيامة سيحل بعد غد.
لا تتعبوا أنفسكم في التحليل والتحريم فأوضاع البلاد ومقاديرها تديرها الصدفة، وركزوا جميعكم على نقطة واحدة تسليكم وتعزيكم وتواسيكم، فالطاغية مات وحرية الرعاع سيدة المكان والزمان، ولا مفر من قضاء الله إذا عم الفساد وتكالب الناس على الناس.

2013/11/29

الطريق إلى قندهار!






أخشى ما أخشاه أن الصراع في ليبيا يتجه إلى تكرار تجربة طالبان في أفغانستان بين عامي 1994 - 2000.  الصراع بدأ يترسخ رويدا رويدا في ليبيا بين جبهتين. الأولى، جهوية تحاول انتزاع مكاسب وإقامة سلطات محلية في بعض المناطق لأسباب متنوعة. والثانية، التيار الديني بمختلف توجهاته بدء من الإخوان المسلمين والسلفيين وانتهاء بالقاعدة. 
 التيار الثاني يسعى لإقامة دولة عابرة للحدود، تكون ليبيا قاعدتها المؤقتة تعويضا عن أرض الكنانة " الأسيرة". يجد الإسلام السياسي في معركته مع القوى القبلية والجهوية فرصة ثمينة لحشد " الأمة " خلفه للمحافظة على وحدة الأرض ووحدة السماء.
 انتقال الصراع في ليبيا وتحوله إلى مواجهة بين أمراء الحرب القبليين والجهويين وأمراء حرب الدولة الإسلامية سيعطي فرصة كبيرة لتنظيم الإخوان لكسب تأييد الغالبية، بما في ذلك من يعاديه ولا يشاركه رؤيته السياسية والعقائدية في مواجهة قوى تعد انفصالية.. وبالتالي ستتغير موازين القوى وتنقلب المواقف والتحالفات، وستجد المدن الخالية من ثروات طبيعية أو إمكانيات تؤهلها للحياة منفردة، ستجد نفسها مضطرة إلى التحالف مع التيارات الدينية بقيادة الإخوان وبعض قادة الجماعة الإسلامية المقاتلة الذين راجعوا مواقفهم وصاروا أقرب إلى الإخوان في  كثير من المسائل بما في ذلك جرعة الشريعة الضرورية لإقامة دولة لله على الأرض.
 حرب الوحدة الوطنية ومواجهة القوى الإقليمية بقيادات إسلامية ستعيد بناء المشروع الأفغاني في ليبيا نظرا لانعدام الفروق الواضحة بين الإخوان والسلفيين والقاعدة في الأسس العامة.. والأكثر تطرفا سيتمكن من ابتلاع غيره في مثل هذه الأحوال.. معركة الوحدة الترابية ستكون مرجلا يزيد من تركيز جرعة التطرف الديني، ومن الأرجح أن التيار الديني سيتمكن من سحق القوى القبلية والجهوية، إلا أنه سيبني دولة تقيم للحريات العامة القبور، وتجعل من ليبيا سجنا كبيرا وملاذا مريحا للمتطرفين من دول الجوار.
 التاريخ لا يعيد نفسه إلا إذا توفرت الظروف الموضوعية المتشابهة بقدر بقترب من التطابق.. وهذا ما يحدث الآن في ليبيا تكرارٌ للمأساة الأفغانية، حيث سيعبد البسطاء الطريق إلى قندهار بالتضجيات، وسيبكي فيما بعد من ستكتب له النجاة من هؤلاء ليلعن حظه العاثر ما بقي حيا!

2013/11/26

الإخوان الليبيون.. وفقه السلطة





بدأ المد الإسلامي المتطرف في المنطقة العربية  مع اتقاد جمر الأفكار الوهابية من جديد بعد تفجر ثورة الخميني واحتلال الاتحاد السوفييتي لأفغانستان.. الرؤية الوهابية للإسلام بطرحها الضيق وجدت صدى في مصر حيث تأسست الجماعات الإسلامية القتالية،، مثل الجهاد .. والتكفير والهجرة وغيرها... المال السعودي نفخ في هذه التنظيمات وفي دعوتها الجديدة.. وبدأ الخراب يتغلغل في مجتمعاتنا رويدا رويدا..

وجدت الدول الغربية حين بدأ الربيع العربي، الفرصة سانحة لتلافي خطر التطرف الإسلامي بنقل الصراع إلى داخل الدول العربية..
حاول الغرب، من خلال المال القطري، إيصال الإخوان المسلمين، المصنف تيارا معتدلا، الى السلطة كي يتفاقم الصراع داخل مجتمعاتنا بين مكوناتها المتنوعة..

 الغرب يرى أن الإسلاميين المعتدلين حين يصلون إلى السلطة سيشب صراع دموي بينهم والمجموعات المتطرفة وسيحترق الجميع في أتون مرجل داخلي، ويتقي الغرب شرور الإسلام المقاتل الذي أعلن عليه الحرب فيما يسمى بغزوتي منهاتن وواشنطن في الحادي عشر من سبتمبر 2001 .

 المشروع تهاوى سريعا في مصر بفضل الجيش، فيما يسير ببطء ويواجه مقاومة كبيرة في تونس. الحلقة الأضعف هي ليبيا.. المشروع الإخواني في ليبيا يسير بشكل مُرضي، لكنه مهدد بالابتلاع من قوى شرسة هي السلفيين والقاعدة وبناتها. وهنا وجد الغرب نفسه في ورطة تهدد بانقلاب السحر على الساحر، بدا ذلك جليا في حادثة مقتل السفير الأمريكي في بنغازي.

خصوصية ما يمكن تسميته بالحالة الإسلامية في ليبيا تتمثل في إصرار الإخوان على إقامة تحالف وثيق مع جميع الفصائل الإسلامية المتطرفة لمواجهة القوى القبلية والجهوية المسلحة. هذا التحالف الظاهري بقي على حاله رغم إشارات العداء التي ما فتئ المتطرفون يرسلونها إلى أصحاب القرار في الدولة الليبية عبر تكفير النظام القائم المؤقت، وتكفير قاعدته الديموقراطية ورفض الاعتراف بآلياته ومخرجاته جملة وتفصيلا..

طرأ على أساليب الإخوان في ليبيا  تغيرا جديدا مؤخرا، من خلال محاولتهم التحالف مع الحراك الشعبي لضرب مراكز القوى القبلية والجهوية في طرابلس تمهيدا لإقامة مشروع غامض لا يستند على مشروع وطني صريح، بل ينحو نحو مشروع إسلامي عابر للحدود.
الإخوان المسلمون في ليبيا، وقفوا ضد حراك مشابه في بنغازي نظرا لأنه كان  موجها ضد مجموعة مسلحة إسلامية وليست قبلية أو جهوية..

الحراك الشعبي في ليبيا لا يزال يقاوم محاولات الاحتواء وبخاصة من قبل الإخوان. و رغم تحقيق الإخوان المسلمين لنقاط هامة من خلال طرد المسلحين القبليين والجهويين من العاصمة، إلا أن إمكانية احتواء الشارع الليبي بشكل دائم، لا تبدو ممكنة لوجود نفور وريبة  في  الشارع الليبي  تجاه الاخوان، الحركة التي تُعد دخيلة بامتدادات خارجية.

LinkWithin

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...