2010/07/24

من وصايا رالف بيتيرس الإثنتي عشرة: السعودية عدوٌ للولايات المتحدة الأمريكية...

ما يميز رالف بيتيرس، الخبير الاستراتيجي العسكري الأمريكي هو أنه يرى الأشياء كما هي عليه، من دون تزويق أو تورية، ويعبر باخلاص عن عقل ومشاعر الولايات المتحدة في شكلها المؤسساتي من دون اللجوء إلى أي دبلوماسية مخادعة.قراءة رالف بيتيرس بتمعن في حد ذاتها قراءة للعقل الأمريكي ولوجدانه من خلال باحث استراتيجي، يتجاوز المحرمات الدبلوماسية مستندا على خبرة عسكرية كبيرة، جعل منها بعد تقاعده ذخيرة لتسويغ العنف العسكري، وازدراء المشاعر الإنسانية وعواطفها النبيلة، واستبدالها بمفاهيم جديدة تبيح كل شيئ، طالما كان الهدف حماية الولايات المتحدة، وحماية وجودها الذي يعتبره، جوهر الوجود الإنساني المتحضر ذاته.
يحاول بيتيرس باستماتة الدفاع عن استخدام بلاده للقوة العسكرية الغاشمة ولا يضيره وصف سلوكها هذا بالامبريالي، طالما أن الهدف هو حياة ورفعة شعبه بحسب اعتقاده.
بيتيرس لا يرى في أعداء الولايات المتحدة إلا ظواهر مرضية منعزلة يجب اجتثاتها من دون رحمة، بل لا يخفي اعتبار السعودية عدوا خطيرا للولايات المتحدة، وهو بذلك يكشف عن موقف جديد بدأ يتغلغل في صفوف الصفوة الأمريكية. وفي المقابل يدافع بيتيرس عن إسرائيل التي يعتبرها واحة وسط ما يسميه بمستنقع الشرق الأوسط الذي تهاوت حضارته وفقد مقومات الحياة الطبيعية.


رالف بيتيرس

إثنتا عشرة أسطورة حول حروب القرن الواحد والعشرين


لدينا مشكلة، ونحن نقف امام خطر الهزيمة في أكثر من حرب.
جنودنا لم ينسوا، كيف يجب أن يكون القتال، إذ لم يكن لدينا بتاتا رجال ونساء أفضل في الزي العسكري. لكن زعماؤنا وعدد كبير من مواطنينا الأمريكيين لم يعودوا يفهمون ماذا تعني الحرب، وما الذي يجب فعله لتحقيق النصر.
بفضل أولئك الذين يرتدون الزي العسكري، نعيش في أمن ورفاهية كل هذه المدة الطويلة، بحيث صار مفهوم " التضحية" تعني لأقلية فقط شيئ ما أكثر من اجبار النفس على الامتناع عن ارتياد بوفيه سويدي مرة لاحقة.
اتجاهان استقويا في غضون الأربعين عاما الأخيرة، وأسبغا طابعهما على جهلنا الوطني بشأن ثمن وضرورة النصر. الإتجاه الأول أن أكثر الأمريكيين المتميزين استخدموا الحرب في فيتنام كذريعة لرفض تقاليد الخدمة العسكرية.
في وقت ما قدمت رابطة جامعات اللبلاب الأبطال. الآن يحتجون ضد وجود ممثلين عن فيلق تدريب ضباط الاحتياط في حرم جامعاتهم. ومع ذلك لا تزال جامعاتنا الرائدة تخرج على نحو غير متناسب عددا أكبر من زعماء الولايات المتحدة السياسيين. الرجال والنساء الذين يجب عليهم قيادتنا في زمن الحرب، ينظرون إلى الخدمة العسكرية باعتبارها مضيعة لوقتهم ولمواهبهم. الموظفون المنتخبون يلتقطون صورا مع الجنود والضباط بحماسة فائقة، فيما يحتقرون طبقة العسكريين في حياتهم الخاصة.
مرشح هام واحد فقط لمنصب الرئيس في كل من الحزبين الرئيسين من المحاربين القدامى، أما المرشح الآخر الذي يسعى ليكون رئيسا، فيدفع نظير ارتياد محل حلاقة لمرة واحدة نفس المبلغ الذي كنت أحمله شهريا إلى بيتي حين كنت جنديا بسيطا في الجيش.
الإتجاه الثاني أننا أضعفنا بشكل كبير تدريس تاريخ الولايات المتحدة في مدارسنا. بدءا من أعوام الستينيات، تم تقليص عدد ساعات حصص مادة التاريخ من البرنامج الدراسي، ومحتوى ما تبقى تم تركيزه حول المشكلات الاجتماعية وحول فضائعنا المزعومة.
المقرر الدراسي الذي بُسط إلى درجة العبث، قلل من أهمية الحروب، التي أمنت حريتنا. في المحصلة، الجهل بالثمن الفظيع الذي كان يجب على قواتنا دفعه مقابل حريتنا في الماضي، يولّد انتظارا عبثيا مرتبطا بنزاعاتنا الراهنة. وحين تقدم وسائل الإعلام تحليلا غير صحيح أو غير موضوعي، لايحصل الجمهور على المعلومات، الضرورية لاصدار أحكام صحيحة.
هذا المزيج من القيادة الوطنية التي لا تمتلك خبرة عسكرية والمواطنين الذين لا علم لهم بثمن الحرية، يتركنا مع حكومة تفعل ما يُخيل لها بأنه مفيد، ومع مواطنين يؤمنون فيما يفرحهم. وفي مثل هذه الظروف تزدهر الأساطير حول الحروب.

أسطورة رقم 1
الحرب لا تغير شيئا.
الشعار الشائع في الحرم الجامعي يتعارض مع كل التاريح الإنساني. خلال عدة آلاف من السنين، الحرب كانت الوسيلة الأخيرة، بل وكانت غالبا الأولى، للقبائل، وللأديان، وللسلالات، وللامبراطوريات، وللدول، وللديماغوجيين، يحركها الاستياء، والجشع، أو التعطش بلارحمة للمجد. لا أحد يعتقد أن الحرب أمر خيّر، لكن أحيانا تكون ضرورية. نحن غير ملزمين بالموافقة على السياسة التي تقودنا، أو كيف تسير حرب ما محددة، لكن نحن لا نستطيع الاعتماد على الفكرة القائلة إذا قمنا بنزع أسلحتنا، فالآخرون سيفعلون الشيئ نفسه.
الحرب في واقع الحال، غالبا ما تغير كل شيئ. من ينهض لتأكيد أن الثورة الأمريكية، حربنا الأهلية، أو الحرب العالمية الثانية لم تغير شيئا؟ أكان العالم أفضل اليوم، لو أننا لعبنا دور دعاة السلام أمام وجه ألمانيا النازية، والامبراطورية اليابانية ؟
بالطبع، ليست كل التغييرات التي أحدثتها الحروب على مدى قرن، إيجابية. حتى الحروب العادلة يمكن أن تؤدي إلى نتائج غير مرغوب فيها. على سبيل المثال، الاستبداد السوفييتي في نصف أوروبا بعد عام 1945. لكن يمكننا أن نكون واثقين من أمر واحد: هزيمة الولايات المتحدة في أي حرب، ستعني هزيمة ليس فقط للحرية، بل وللحضارة. أعداؤنا يؤمنون بأن الحرب يمكن أن تغير العالم، ولن تثنيهم أي ملصقات على مقدمة السيارات عن هذا الرأي.

الأسطورة رقم 2
النصر اليوم بعيد المنال
النصر يمكن تحقيقه دائما، إذا وافقت بلادنا على فعل الضروري لنيله. لكن النصر يمكن أن يكون بعيد المنال فعلا إذا وجدت قوات الولايات المتحدة نفسها أمام قيود غير مقبولة، إذا امتنع قادتها عن التصرف بحزم، إذا تطلب كل هدف موافقة محامين، وإذا حصل وتحطمت روح الشعب الأمريكي تحت وابل متواصل من الأحكام السلبية لوسائل الإعلام.
لسنا في حاجة إلى جنرالات يصطفون أمام الميكروفون، كي يعتذروا عن كل خطأ، يرتكبه جنودنا. نحتاج إلى الجنرالات الذين يعرفون كيف يُصنع النصر. وأنتم لن تستطيعوا الانتصار، إذا لم تقاتلوا. نحن الآن موجودون في المرحلة الابتدائية لصراع قاس، سيخبو وسيضطرم على مدى عقود، لكن لدينا جيل من قادتنا، في الزي العسكري وبدونه، مشغولون فقط بعدم الإساءة إلى مشاعر الأعداء. أحد جوانب ورطتنا المأساوية في العراق، هي أننا على الرغم من أننا عملنا خيرا باقصاء صدام حسين، قررنا فعل ذلك بثمن بخس. قانون الحرب الحديدي، يقول من لم يكن جاهزا لدفع الثمن مقدما للجزار، يدفعه في النهاية مضاعفا.
نحن لم نرغب في دفع ذلك الحساب فقط، زعماؤنا تصوروا أننا تستطيع مصادقة أعداءنا قبل أن ينهزموا تماما. إبادة عدة مئات من الأعداء القساة على شاكلة مقتدى الصدر كان من شأنها أن تجنبنا في عام 2003 مقتل آلاف الجنود الأمريكيين وعشرات آلاف من العراقيين لاحقا. نحن انخرطنا لتنفيذ هذه المهمة، التي لم تكف عزيمة زعمائنا لانهائها.
على الرغم من أخطائنا، في الشهور الأولى من عام 1942 بدا احتمال النصر أقل بكثير مما هو عليه في الوقت الراهن في حربنا ضد أعداء اليوم. هل كان علينا الاستسلام بعد سقوط الفلبين أم لا؟ اليوم أولئك الذين يشكلون الرأي العام في مجتمعنا، وكذلك الموظفون الذين انتخبناهم لم يعودوا يفهمون، ما الذي يلزم لتحقيق النصر. بحسب مقولة ناتان بيدفورد فوريست(1821-1877 ) Nathan Bedford Forrest:" الحرب تعني القتال، والقتال يجري من أجل القتل"
وبحسب مقولة الجنرال دوغلاس ماك أرثر " الاشتراك في أي حرب من دون السعي إلى الانتصار فيها خطأ فادح"

الأسطورة رقم 3
من المستحيل الانتصار على التمرد
بحسب المعلومات التاريحية، من بين 20 تمردا ينجح أقل من واحد، بينما من بين الانتفاضات الصغيرة لاينجح ولا واحد منها. في منتصف القرن العشرين ارتفع عدد الانتفاضات الناجحة قياسا مع الفترة التي سبقتها، إلا أن ذلك حصل لأن الدول الأوروبية الاستعمارية الكبرى التي هبت الانتفاضات في وجهها، كانت قد قررت التخلص من تركتها الامبراطورية. ومع ذاك حتى في هذه الفترة عدد الانتفاضات الفاشلة فاق الناجحة. خلال القرن 18 بأكمله حربنا التحريرية كانت الانتفاضة الوحيدة الناجحة والتي تمكنت من الانتصار في حرب ضد دولة كبرى أجنبية وضردها إلى الأبد.
الانتفاضات التي تواجهنا اليوم، عمليا هي أكثر فتكا من انتفاضات القرن الماضي. والآن اسطدمنا بانتفاضات الإرهاب الدولي، وأيضا بالتمردات المحلية، التي تحركها المشاعر الدينية والاثنية، أو خليط فتاك من الاثنين. الخبر الذي يسر هو أنه منذ أكثر من 3000 عام من التاريخ المكتوب للانتقاضات، والتي كمنت في أساساتها عقيدة أو دم، السواد الأعظم منها انتهى بالفشل. أما الخبر السيئ فاخضاعها رافقته مذابح فظيعة.

الأسطورة رقم 4
لا يوجد حل عسكري، فقط المفاوضات يمكن أن تؤدي إلى تسوية مشكلاتنا.
في معظم الحالات العكس هو الصحيح. المفاوضات لا تستطيع حل أي شيئ، طالما لم يتم تحقيق حل عسكري يتم بموجبه اعتراف أحد الأطراف باتفاقية السلام كأمل وحيد للبقاء على قيد الحياة. المفاوضات التي تسوي مشكلاتنا في العراق، كان يمكن الترحيب بها، لكن نحن الطرف الوحيد المهتم بالحل عن طريق المفاوضات. أطراف النزاع الآخرون هم ارهابيون، متمردون سنة، وميليشيات شيعية، إيران وسوريا تؤمنان بأنهما ستنتصران. المفاوضات الوحيدة التي تؤمن نتائج دائمة، هي تلك التي تجرى من موقع قوة لا منافس لها.

الأسطورة رقم 5
حين نوجه ضربتنا الانتقامية، نثير أعداءنا فقط.
حين تتعامل مع "فُتوات" متغطرسين، أكان ذلك في فناء المدرسة أو في حرب عالمية، العكس صحيح، إذا لم ترد الصاع صاعين، فأنت تشجع عدوك على التصرف بعدوانية أكبر.
المقاومة السلبية تعمل فقط حين تكون موجهة ضد دول تعيش طبقا للقانون كما على سبيل المثال في الدول الرئيسة الناطقة بالانجليزية، وهي لا تعمل هناك، حيث الرد على الاحتجاج يكون بطعنة حربة في البطن، أو برحلة لا رجعة منها في السجون السياسية. لقد سمحنا لعدد كبير جدا من الأساطير حول "الفطرة الإنسانية الخيّرة" بالتسلل إلى وعينا. بالطبع كثير من الفانين يميلون بالفطرة لأن يكونوا طيبين أكثر من كونهم أشرارا. لكن إذا كنا لا نرغب في الكفاح ضد هذا الجزء من البشر الذي يعبد الشر، ويتسلح راغبا في اخضاع الجميع، فعلينا أن نكون مستعدين لصراع أكثر بشاعة.

الأسطورة رقم 6
بقتلنا للارهابيين نحولهم إلى شهداء
هذا هو حال العالم الغربي الشاذ اليوم، إذ يظهر الناس المحظوظون مزيدا من التعاطف مع الطغاة والسفاحين والارهابيين. خذوا على سبيل المثال، الاحتجاجات اللاعقلانية بشأن سجن غوانتانامو إذ أنها تعكس تعاطفا أقل تجاه الضحايا.
يؤكدون لنا مرارا وتكرارا أن القضاء على أسامة بن لادن أو ابي مصعب الزرقاوي، واعدام صدام حسين أو مطاردة ملاّ طالبان عمر، لا يؤدي إلا إلى توحيد أتباعهم. نعم لم نصل بعد إلى أسامة او عمر، لكن الزرقاوي ميت، ومنسي تنظيمه الخاص، الذي لن يتذكر أعضاؤه بتاتا هذا السفاح. ولا أحد يقاتل للانتقام لصدام. الحقيقة المريرة تتلخص في أننا حين نتعامل مع متعصبين حقيقيين، فابادتهم، هي الطريقة الوحيدة للقضاء على تأثيرهم ونفوذهم.
 إذا زج بهم في السجن، فسيحفز ذلك الاحتجاجات، وعمليات الاختطاف، وتفجيرات وهجمات أولئك الذين سيسعون إلى تحريرهم. تريدون أن تجعلوا من الارهابي شهيدا؟ زجوا به خلف القضبان وينتهي الأمر. محاولة محاكمة هؤلاء الوحوش أمام القضاء، تحول المحكمة إلى ما يشبه المهزلة، باعطائهم منصة عامة لأحاديثهم المغرقة في الكراهية، والتي تبثها وسائل الإعلام الدولية بحماسة كبيرة على جميع القنوات. حين يكونون أمواتا، فهم موتى. وابادتهم تعطينا براهين قاطعة على أنهم لا يملكون العناية والحماية الإلهيتين. كما أن الارهابيين الموتى لا يقتلون.

الأسطورة رقم 7
إذا قاتلنا نحن أيضا بشراسة، كأعدائنا، فنحن لسنا أفضل منهم.
هل حولنا قصفنا المكثف لألمانيا إلى نازيين؟ هل حولنا فصفنا النووي لليابان، الذي سمح بانهاء الحرب وانقذ حياة مئات الآلاف من الأمريكيين واليابانيين، إلى مثل أولئك الوحوش الذين نظموا مسيرة الموت في شبه جزيرة باتان .
اللاأخلاقي أكثر بالنسبة للولايات المتحدة، هو خسارة الحرب. في الوقت الذي نحاول أن نكون انسانيين بالقدر الكافي الذي يسمح به الطريق نحو النصر، لا نستطيع تجاهل ضرورة بذل كل ما يلزم لتحقيق النصر. الآن وسائل الإعلام والعناصر المتنفذة في مجتمعنا، يتشبثون كالمهوسين ببعض الانتهاكات الأخلاقية، التي لافر منها في زمن الحرب. الجنود هم بشر، وبغض النظر عن مدى قسوة تدريبهم، فنسبة ضئيلة من جنودنا سوف يرتكبون أعمال العنف، وهم يجب أن يعاقبوا عليها.
لا يصبح كل انسان، يرتدي الزي العسكري، قديسا. وليس كل القادة العسكريين ينفذون عملهم بمستوى واحد من الفعالية. لكن في حلقة الأحداث المأساوية، التي هي بالمناسبة نادرة الحدوث في العراق وأفغانستان!! تختفي أسئلة أخلاقية أكثر أهمية حول ضرورة دحر العدو، الذي يستمتع بقتل الأبرياء، ويمرح بعد ارتكاب أعماله الوحشية، والذي يزعم أن إلهه يطلب الدم!!

الأسطورة رقم 8
الولايات المتحدة اليوم مكروهة أكثر من أي وقت مضى.
يتذكر أولئك الذين خدموا في أوروبا أثناء الحرب الباردة، مظاهرات الاحتجاج الحاشدة ضد سياسات الولايات المتحدة والتي غالبا ما رافقتها أعمال عنف، لكن بالمقارنة بالتجمعات والمظاهرات الحالية فالأخيرة تشبه مناشط نهاية الأسبوع المرحة. القراء كبار السن يتذكرون المظاهرات الشيوعية الضخمة في الخمسينيات، والتي جرت تحت شعار حظر القنابل. وبحر من المتظاهرين الذين ملأوا شوارع باريس، وروما وبرلين المحتجين على أعمالنا في فيتنام.
تخيلوا بأنفسكم ماذا يمكن أن يحدث لو أن وسائل الإعلام الآن غطت هذه المظاهرات والتجمعات على مدار الساعة سبعة أيام في الأسبوع. ما زلت أذكر جيدا خلال خدمتي في ألمانيا بعد وقت قصير من خروجنا من سايغون، حينها كان الجنود لأمريكيون يعانون من احتقار السكان المحليين لهم. أولئك السكان مع ذلك عن طيب خاطر قبضوا منا أموالنا، وقبضوا من الأرهابيين، الذين حاولوا التعرض لحياة جنرالاتنا.
موضة مناهضة الأمركة لمحبي الكلام لم تمنع العالم من السعي إلى الحصول على "بطاقة خضراء" واحدة كبيرة.
عندما كنت أسافر في أرجاء العالم بعد أحداث 11 سبتمبر، وجدت أن الولايات المتحدة لا تزال الحلم العظيم لخريجي الجامعات بدء من برلين مرورا ببنغالور الهندية وصولا إلى بوغوثا في المستويات الأدنى من الناطقين باسم الحكومة ذوي العلاقة بالصحافة وبالراديكاليين المحترفين.
في جبهة الوطن، يتوجب علينا الاستماع إلى أحكام سخيفة حول أن بلادنا لم تكن أبدا منقسمة كما هي الآن. حسنا هذا يعود بنا إلى ما قبل الحرب الأهلية. أليس كذلك؟ ذاكرتنا التاريخية المفقودة تمحوها أيضا الاحتجاجات العاصفة نهاية الستينيات وبداية السبعينيات، والمواجهة الشاملة، والتمرد والموت. أيعقل أن تكون الولايات المتحدة اليوم منقسمة فعلا أكثر مما كانت عليه في عام 1968 ؟

الأسطورة رقم 9
غزونا للعراق سبب مشكلاتنا مع الإرهاب.
هذا التأكيد يغير منطق الأحداث، كما لو كانت أحداث 11 سبتمبر قد وقعت بعد سقوط بغداد. مشكلاتنا مع الإرهاب ظهرت في أعقاب الفشل الكارثي لحضارة الشرق الأوسط على المنافسة في جميع الميادين. بالاضافة إلى تعزيز سعي الإدارات الأمريكية المتعاقبة من ديموقراطيين وجمهوريين تصور أرهاب الاسلاميين كانحراف وجيز. بامتناعها عن الرد على الهجمات بدءا من العمل الإرهابي في بيروت إلى "أبراج الخُبر" في السعودية، منذ أول انفجار في البرجين التوأمين وحتى الهجوم على المدمرة " كول" والذي كان على وشك التسبب في اغراقها. نحن سمحنا لأعدائنا بأن يظنوا أننا ضعفاء وجبناء. نجاحاتهم والتي لم تقابلها ردود فعل مناسبة، كانت بمثابة حوافز جيدة لتجنيد ارهابيين جدد.
هل اجتذبت أخطاؤنا في العراق مجندين جدد إلى صفوف الإرهابيين؟ نعم اجتذبت. لكن تخيلوا الكم الكبير من الإرهابيين الجدد الذين كان يمكن تجنيدهم، والأضرار التي كان بامكانهم الحاقها بنا على أرضنا، إذا لم نرد بتوجيه ضربة عسكرية إلى أفغانستان ولم نبدأ فيما بعد الحرب في العراق، والآن فيتنام "القاعدة" توجد في العراق، وليست في وطننا.

الأسطورة رقم 10
إذا خرجنا، فسينجح العراقيون في التعامل مع مشاكلهم بانفسهم.
يمكن أن تحل اللحظة، عندما سيتحتم علينا الاعتراف بأن العرقيين على استعداد تام لتدمير مستقبلهم بأيديهم، ما يجعلنا عاجزين عن فعل أي شيئ. هذه اللحظة لم تحل بعد. لكن الخروج السريع كفيل ليس فقط بتأمين حدوث عمل إرهابي واحد شامل، بل سلسلة كاملة، تجلب لقوى الإرهاب انتصارا ساحقا. يجب علينا إتخاذ التدابير العملية بحيادية بما في ذلك تغيير الاستراتيجية وخفض عدد قواتنا، إذا كان هذا ما يمليه مجرى الأحداث. لكن التصريح بأن وجودنا، هو السبب الرئيس لاستشراء العنف في العراق، يدل على انعدام هائل للمسؤولية، يتجاهل الواقع التاريخي.

الأسطورة رقم 11
إسرائيل هي المذنبة في كل شيئ. أو الاستنتاج الشائع في واشنطن القائل " إن السعوديين أصدقاؤنا ".
إسرائيل بالنسبة للعالم الإسلامي ليست إلا ذريعة، لتبرير فشله، وليست سببا. حتى لو أننا لم ندعم إسرائيل، فالمتطرفون الإسلاميون، كانوا سيتهموننا في خطايا أخرى متخيلة، لأنهم يخافون من حريتنا ومن ثقافتنا أكثر حتى من قوتنا العسكرية.
جميع الرجال والنساء الذين لهم ضمير، يتوجب عليهم ادراك الفارق الأساس بين إسرائيل وجيرانها. إسرائيل لديها رغبة صادقة في العيش بسلام، فيما جيرانها يسعون إلى إبادتها، ويرغبون في اختفائها من خريطة العالم.
أما فيما يتعلق بالثقة الجنونية بأن السعوديين أصدقاء لنا، فهي لا تزال موجودة فقط لأن السعوديين أنفقوا أموالا هائلة على الحزبين الأساسيين في واشنطن. أموال السعودية تواصل تمويل التطرف المعادي للغرب، وتقسيم المجتمعات الضعيفة وتشجيع الكراهية بين المسلمين والآخرين.
التطرف السعودي تسبب بضرر أكبر للشرق الأوسط من إسرائيل بكل تاريخها. فالسعوديون هم أعداؤنا!

الأسطورة رقم 12
مشكلة الشرق الأوسط بكاملها يتحمل مسؤوليتها ضمير الولايات المتحدة.
المتطرفون الإسلاميون يرغبون في أن يؤمن بذلك الجميع، لكن هذا غير صحيح. انهيار حضارات الشرق الأوسط العظيمة في وقت ما، استفحل خلال أكثر من خمسة قرون، وتحولت هذه المنطقة إلى مستنقع حتى قبل أن تصبح الولايات المتحدة دولة مستقلة.
في المئة والخمسين الأولى لوجودنا الوطني، كانت لنا علاقات مشتركة طيبة مع شعوب منطقة الشرق الأوسط، على الرغم من نزاعنا مع قراصنة شمال افريقيا البربر. لكن الحضارة الإسلامية كانت مضت في عدها التنازلي، ووقف هذه العملية كان مستحيلا. هيكليتها الاجتماعية والاقتصادية، وقيمها، وإهمال التعليم، وغياب الفضول العلمي، وتسيب وعجز الطبقات الحاكمة فيها عن إنشاء ولو دولة حديثة واحدة، تكون في خدمة شعبها، كل ذلك ضمن بحسب وتيرة التقدم في الغرب تأخر الشرق الأوسط أكثر فأكثر. يجب على الشرق الأوسط أن يحمّل مسؤولية مشاكله لنفسه.
لا أحد منا يعرف ما يخبئ في داخله مستقبلنا الاستراتيجي، لكن لا شيئ يمكن أن يبرر لنا جهلنا بماضينا. نحن بحاجة لأن نتعامل بنقد مع تأكيداتنا الخاطئة بشأن سياستنا، وماضينا، وبشأن الحرب بشكل عام. كما يجب علينا العمل بهمة في مجال منظومتنا التعليمية الاجتماعية والحكومية، لاستعادة تعليم متوازن وشامل للتاريخ في مدارسنا.
ثروة وقوة الولايات المتحدة اللتان لا مثيل لهما تمنحاننا امكانية أن نسمح لأنفسنا بكثير من مثل هذه الأشياء، التي لم تكن متاحة للانسان طيلة تاريحه. لكن نحن الشعب الأمريكي لا يمكننا أن نسمح لأنفسنا بالجهل.


نشرت في مجلة الفيلق الأمريكي
نوفمبر/ 2007 م
ترجمة: محمد الطاهر الحفيان

هناك تعليق واحد:

  1. غير معرف5/28/2010 9:27 ص

    صباح الخير :-
    موضوع جميل و ما أحوجنا لمثل هذه الترجمات الراقية
    لكي نعلم خفايا العقول الأمريكية المعادية للإنسانية

    دمت بسلام
    عادل الطاهر

    ردحذف

LinkWithin

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...