2010/05/01

رالف بيتيرس: بوتين دموي.. ولا يجاريه أحد من الساسة الأمريكيين


بعد مرور نحو عشر سنين على طرح وسائل الإعلام الغربية سؤالا عريضا حول من يكون السيد بوتين، صاغ المحلل الاستراتيجي الأمريكي الشهير رالف بيتيرس تقييما شاملا لبوتين نشره في صحيفة نيويورك بوست عكس بشكل ما هواجس ومخاوف الولايات المتحدة من سياسات رجل الكرملين القوي فلاديمير بوتين..
يحمل بيتيرس مشاعر متناقضة تجاه بوتين إذ يرى فيه انسانا سيئا وعظيما وخطرا جدا في آن واحد. ويؤكد أنه لا يوجد أي سياسي أمريكي قادر على مجاراة بوتين الذي يرى أنه راوغ جورج بوش سابقا والآن يتحكم بباراك أوباما.
ويواصل بيتيرس تقييمه المركب لبوتين من خلال وصفه بأنه قاس ولا يرحم ومتعطش للدماء، إلا أنه يعرف بدقة ما يريد، ولديه ما يكفي من عزيمة لتحقيق أمانيه. وهو موهوب بشكل مدهش في قدرته على ملاحظة مواطن ضعف نظرائه الأجانب. بيتيرس يزعم أن الزعماء الأمريكيين على النقيض من بوتين ليس لديهم أهداف استراتيجية ولا المقدرة على تحديد الأولويات في السياسة الخارجية.
جوهر ما أراد التعبير عنه رالف بيتيرس من كراهية لبوتين صاغه فيما يشبه المقارنة مع رونالد ريغين إذ رأى أن ما سماها امبرطورية بوتين الشريرة هي رد متأخر على رونالد ريغين، وكما عمل الرئيس الأمريكي الأسبق ريغين بلا هوادة على تدمير الامبراطورية السوفيتية، يعمل بوتين الآن بلا هوادة في الاتجاه المعاكس للنهوض بالامبراطورية الروسية.
يحاول بيتيرس تأكيد خطورة بوتين على الولايات المتحدة من خلال تضخيم صورته حيث يرى أنه أحرز في الاشهر الأخيرة عدة نجاحات استرتيجية منها عقد معاهدة ستارت 3 التي زعم أنها ستضر بالقوات التقليدية الأمريكية، فيما لا تُلزم روسيا إلا التخلص من خردتها القديمة عن طريق عقد صفقات تسلح جديدة مع الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز الذي يحلم بضم كولومبيا إلى بلاده.
ونجح بوتين أيضا في ايصال "بيادقه" إلى السلطة في أوكرانيا حيث قطع بذلك شوطا كبيرا في طريق اعادة أوكرانيا إلى الحضيرة الروسية، كما يرى بيتيرس.
من مآخذ رالف بيتيرس الأخرى على بوتين أنه يعمل على تقارب بلاده مع كازاخستان شريك الطاقة الهام والبلد المحوري في وسط آسيا. كما أنه ساند اسقاط الحكومة في قرغيزيا كي يضيق الخناق حول ممر الولايات المتحدة الشمالي لامداد أفغانستان.
بيتيرس لم يذخر وسعا في تصوير بوتين في مقالته كبعبع يهدد بلاده حيث يؤكد أنه يراوغ أوباما في المسألة الإيرانية، كما لو كان قطا مسنا خبيرا يلاعب فأرا!
أما تحطم طائرة الرئيس البولندي المعروف بعدائه لروسيا في الأراضي الروسية ومقتله والوفد المر افق له، فيلمح بيتيرس من بعيد إلى أنه ربما يكون حادثا مفتعلا من خلال تأكيده على أنه في المحصلة نجاح غير عادي لبوتين يجب أن ينتبه إليه جيران روسيا.
يبدو أن الاحداث الاخيرة، التي عكست نجاح بوتين في التخلص من ثورات الورود في محيط الاتحاد السوفييتي السابق خاصة في اوكرانيا وقرغيزيا، قد اقضت مضجع رالف بيتيرس الاستراتيجي الذي يدعو دائما إلى اعتماد بلاده على القوة لتحقيق مصالحها والحفاظ على نفوذها خاصة في مواجهة ما يعرف بالخطر الاسلامي..
ورغم ما يلاحظ من تقارب بين روسيا والولايات المتحدة بعد وصول الرئيس باراك أوباما إلى البيت البيت الأبيض وما تحقق من انجازات بينهما خاصة توقيع اتفاقية ستارت 3 بشأن الحد من الأسلحة الإسترتيجية الهجومية، إلا أن رالف بيتيرس، لم يجد في شخصية بوتين وسياساته ما يرضيه، لأن الزعيم الروسي ببساطة يسعى إلى استرداد مجد بلاده واستعادة نفوذها بكل الوسائل والطرق. وهذا بالطبع لا يروق لواشنطن التي تراهن على ضعف روسيا، وخروجها النهائي من حلبة المنافسة الدولية.
مجيء بوتين إلى السلطة وانتهاء الوضع القائم أثناء رئاسة بوريس يلتسين الرئيس الأسبق، حين كانت روسيا تتلقى المعونات الإنسانية مثل أي دولة على وشك الافلاس، جعل منه بشكل طبيعي شخصية سيئة بذريعة أنه يقيد الحريات في بلاده ويحكم سيطرته على السلطة والاقتصاد. فيما مشاعر الكراهية تجاه بوتين يحركها في حقيقة الأمر نجاح برنامجه في تقوية بلاده وتفعيل قدراتها وانتشالها من فوضى التسعينيات.

 
د. محمد الطاهر الحفيان

هناك تعليق واحد:

  1. في اعتقادي أن الطرفان الروسي والأمريكي سيخرجان من اللعبة السياسية قريبا .. وستظهر قوى أخرى تمسك بخيوط اللعبة السياسية وتتحكم في ميزان القوى.

    تحياتي لك .. وتقبل مروري

    ردحذف

LinkWithin

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...