2010/02/19

خبير لبناني بصلاحيات واسعة



تجمعنا، كما تعرفون، أواصر كثيرة بلبنان، لا مجال لتعدداها. لكن بالنسبة لي فالعلاقة تداخلت حتى أصبحت مُفارقة دفعتني عند التعريف بنفسي، أثناء إقامتي الطويلة في موسكو، إلى أن أوضح في عدة مناسبات وجه الفرق بين ليبيا ولبنان. مرد الالتباس أن الروس يعرفون لبنان أكثر لوجود جالية كبيرة في موسكو، وأيضا للتشابه الكبير للاسمين في اللغة الروسية، فليبيا هي: ليفيا، ولبنان: ليفان. وبالتالي فالليبي هو: ليفييتس، واللبناني: ليفانيتس. هذا الفرق بين الدولتين، ليس موقفا ً اختياريا ً، بل ببساطة واقع له خصوصيته. فمثلاً كان علىّ أن أشرح الاختلافات الجغرافية والتاريخية بين البلدين وبين المدينتين ذاتي الاسم الواحد طرابلس بهدف إزالة اللبس.
بالطبع هذاالاختلاف الطارئ والالتباس اللغوي، لا دخل له بحقائق التاريخ ولا بعلاقاته ووشائجه، التي نحرص دائما ً على تأكيدها لا على نفيها، لذلك فعندما علمتُ بمشروع قناة فضائية ليبية تجري الاستعدادات لإطلاقها تحت إشراف خبراء لبنانيين، ذهبت لتقديم طلب عمل وإجراء مقابلة بمزاج حسن، فلا ضير ولا ضرار في ذلك، لأسباب عدة منها أن الإخوة اللبنانيين قد يكونون أكثر خبرة وحيادية من الليبيين، ولذلك تم تكليفهم بهذه المهمة. كما أن الإخوة اللبنانيين المفترض في أنهم (خبراء) لا دخل لهم بمشكلة عدم حصولي على عمل في الجامعات الليبية، طيلة أكثر من عام، لأنهم أبرياء من عدم اعتراف التعليم العالي بشهادة الدكتوراه التي أحملها( التعليم العالي نفسه هو الذي أوفدني للدراسة في ذات الجامعة التي يقول اليوم إنه لا يعترف بها). كما أن الإخوة اللبنانيين لا علاقة لهم بعميد الجامعة الذي ألقى نظرة على ملف وثائقي ليعلق، بلهجة مزدرية، على شهادة تثبت حصولي على جائزة الإبداع العربي الأولى لأدب الطفل: " كانه على الكتيبة أني نكتب في الشعر". ولا دخل لهم أيضا ً بالذي قال لي: عندي تسعة أساتذة ليبيين في القسم عندهم ماجستير، توه نحصّل لحد منهم بعثة دكتوراه ونتصل بيك.
لهذا، فليس لديّ أي اعتراض على الإخوة الخبراء الإعلاميين اللبنانيين قبل إجراء المقابلة الشخصية. إذن، ما المشكلة؟
المشكلة لا تكمن في رنين هاتفي الأخوين اللبنانيين المستمر أثناء ما يمكن، تسميته مقابلة شخصية مهنية، وإنما في أن الخبير الذي أجرى معي (الحوار) لم يسألني عن خبرتي الإعلامية، ولا عن معرفتي بالفنون المرئية وبرامجها، ولم يطرح أي سؤال له علاقة لا من قريب ولا من بعيد بالإعلام المرئي. الخبير اللبناني الذي جلستُ أمامه كتلميذ صغير، سألني عن سبل مواجهة الحملة الأمريكية الشرسة على الوطن العربي، في ضوء نموذج تجربة حزب الله في التصدي لإسرائيل، وكيفية مواجهتها على المستوى الليبي. وهذا السؤال كان يمكن التغاضي عنه. لكن أن يجلس خبير لبناني، مكلّف باختيار عناصر لقناة فضائية ليبية، ويسألني أنا المواطن الليبي، في مدينة طرابلس الليبية، عن سلطة الشعب وكيفية تفعيلها، مستوضحا ً موقفي من نظامي السياسي، فذلك في نظري تعدٍ على خصوصية وسيادة لا يحق للغريب، مهما كثرت الوشائج أن يُقحم نفسه فيها متجاوزا ً حدود اللاياقة على أقل تقدير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

LinkWithin

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...