2011/09/20

ليبيا.. واستحقاقات المستقبل


 ترهق الديموقراطية واستحقاقاتها الليبيين وتهدد بشق صفوفهم بعد أن وحدتهم الثورة ضد دكتاتورية القذافي التي أثقلت كاهلهم طيلة اثنين وأربعين عاما.. هذه هي حال السياسة في بلد نسي أبجديتها مستبدلا آلياتها بشمولية ألغت أي نشاط سياسي خارج خيمة العقيد، وجرّمت الأحزاب، وحظرت مؤسسات المجتمع المدني.
التنافس القبلي والجهوي.. أهم عائق يقف أمام ديموقراطية ليبيا الوليدة في محاولتها لتشكيل حكومة مؤقتة في خضم معركة لم تنته بعد، فالقذافي وأنجاله لا يزالون مختفين طلقاء، وموالون لهم لا يزالون يسيطرون على بعض المعاقل في الشمال والجنوب..
ما يمكن وصفه بالجدل السياسي الحامي الوطيس في ليبيا يشارك فيه أنصار التيار الإسلامي متمثلا في شخصيات سابقة في الجماعة الإسلامية المقاتلة وأبرز رموزها إسماعيل الصلابي في بنغازي وعبد الحكيم بلحاج في طرابلس... التيار الإسلامي مدعوما ببعض رجال الدين ينتقد ما يصفه بهيمنة العلمانيين على المجلس الوطني الانتقالي من خلال سياسيين وأساتذة جامعات عاشوا سنوات طويلة في الغرب مثل رئيس المكتب التنفيذي محمود جبريل..
الولايات المتحدة والدول الأوروبية التي ساندت بقوة الثورة الليبية ضد القذافي تبدي هي الأخرى انزعاجها مما تعتقد أنه تعاظم لدور الإسلاميين في ليبيا ومن إمكانية قيامهم بدور سياسي كبير في الحكومة المقبلة.. وفي هذا الصدد كشف مسؤول رفيع  في المجلس الانتقالي تركيز مندوبة الولايات المتحدة سوزان رايس في حوار معه على ضرورة ابعاد عبد الحكيم بلحاج عن الساحة السياسية، فيما أكد منسق مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأمريكية دانيال بنجامين أن البيت الأبيض  يشعر بقلق بالغ مما وصفه بانتقال متشددين إسلاميين إلى ليبيا.. 
بقدر ما يطرح تعثر العملية السياسية المبكرة في ليبيا للتوافق بشأن حكومة مؤقتة أسئلةً حول مستقبل هذا البلد فهو يشير إلى عمق الأزمة والإرث الثقيل الذي نتج عن سبعة أشهر من الصراع المسلح والفوضى إضافة إلى اثنين وأربعين عاما من الجمود السياسي والفراغ الدستوري والمؤسساتي في دولة القذافي التي أرخت ظلالا قاتمة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا...

د. محمد الطاهر الحفيان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

LinkWithin

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...