2009/11/22

دروس حرب العراق العشرة

يحتل رالف بيتيرس الذي كان يحمل رتبة رفيعة في الجيش الأمريكي قبل تقاعده، مكانة عالية في الولايات المتحدة الأمريكية. وهو مؤلف لأكثر من عشرين كتابا ً، وعدد كبير من المقالات عن القوات المسلحة. وصل رالف بيتيرس إلى استنتاج مفاده أن الحرب في العراق حملت للولايات المتحدة مفاجآت كثيرة غير سارة. رالف بيتيرس صاغ دروس العراق العشرة، التي نُشرت في المجلة العسكرية: (Armed Forces Journal).
الدرس الأول: التقنية لا تحقق النصر في الحروب لوحدها. رالف بيتيرس  يسمي العملية العسكرية لتحطيم جيش صدام حسين ـ العرض السمعي البصري ـ ( التسمية الرسمية الصدمة والرعب ). هو يعتقد أن حجم الضربات الصاروخية والقصف الجوي، التي كان يجب أن تُبيد الجيش العراقي وتؤمن حركة قوات التحالف البرية دون عوائق، لم تحقق أهدافها. علاوة على ذلك  يرى أن السلاح عالي الدقة ظهر أكثر دقة من اللازم، لأنه لم يُنفذ أهدافه النفسية، لم يوقع الجيش العراقي في حالة الصدمة والرعب. التقنية المتقدمة التي صرفت الولايات المتحدة للحصول عليها عشرات المليارات من الدولارات، غير مؤثرة ـ الإرهابيون أكثر نجاحا ً من العسكريين الأمريكيين في استعمال إمكانيات الانترنيت واتصالات الهاتف الخلوي.
الدرس الثاني: من اجل إشعال الحرب على الأرض، يتطلب ذلك قوات برية. التقنية لا تؤمن الأمن. لحل المشكلات الإنسانية لا بد من وجود العنصر البشري. التقنية تلعب دورا ً هاما ً، لكنه دور يأتي في الدرجة الثانية.
الدرس الثالث: عدد القوات البرية يلعب دورا هاما. التصور القائل بانه يمكن التحكم في مساحات الأرض باستخدام وحدات مُجهزة  قليلة العدد، أثبت عدم صحته.
الدرس الرابع: المتطلب الأساسي في العمليات العسكرية هو السرعة. كلما نُفذت العمليات العسكرية بسرعة،  كان ذلك أفضل. أكثر من أي شيئ آخر، بيتيرس يعلل بأن القوات المسلحة للولايات المتحدة الأمريكية لقيت خصما قويا جديدا هو وسائل الإعلام الجماهيرية التي تُشدد الانتباه على الأبعاد السلبية للعمليات التي تقوم بها قوات الولايات المتحدة الأمريكية. كلما انتهت العملية العسكرية أسرع، كلما كان الرأي العام الدولي أقل إزعاجا ً.
الدرس الخامس: يجب أن يعي الخصم بهزيمته. أحد أسباب ذلك هو أن جيش الولايات المتحدة الأمريكية في وقت المعركة يفكر ليس فقط في خسائره، ولكن في خسائر الخصم ـ وهو يسعى إلى تفاديها، من أجل عدم إفساد العلاقة مع السكان المحليين.
الدرس السادس: المختصون يجب أن يحللوا نشاطات العسكريين، فهم وحدهم القادرون على استخلاص النتائج، ناجحة أم فاشلة هذه أو تلك العملية. وسائل الإعلام الجماهيري تراقب والمواطنون يراقبون، كقاعدة، دون أن يمتلكوا تصورا حقيقيا عن الحالة الحقيقية، و يتبنوا عمدا ً استنتاجات مغلوطة.
الدرس السابع: الاحتلال فن!. السكان المحليون يجب أن يشعروا باستمرار بوجود القوة المحتلة، بالتوازي مع قيام القوات المحتلة بدور حماة السكان المدنيين، لا أن تقوم بذلك القوات المعادية. المهمة الأساسية لإدارة الاحتلال هي تأمين العمل للسكان المحليين.
الدرس الثامن: الاستخبارات العسكرية غير فعالة. يعتقد بيتيرس أن سبب ذلك مرة أخرى الإفراط  في الإعتماد على دور مبالغ فيه للتقنية و الاستهانة بـ العامل الإنساني، إذ أن أقمار التجسس لا تستطيع أن ترى ما  في دواخل الإنسان، كما أن أجهزة الكمبيوتر لا تستطيع التنبؤ ببواعث النشاط الإنساني.
الدرس التاسع: معرفة اللغات والعادات المحلية، سلاح فعال. ضابط واحد، يعرف لغة وثقافة السكان المحليين، أكثر نفعا ً، من سرب مقاتلات كامل.
الدرس العاشر: القوات المسلحة للولايات المتحدة الأمريكية يجب أن تنفذ ثلاثة أنواع من العمليات: الحملات الاستراتيجية ( تهدف إلى إبادة الأهداف، وعودة القوات السريعة إلى قواعدها)، الحملات التأديبية ( تحل مهام مشابهة، لكن تحقيقها يتطلب عدة جيوش كبيرة)، والغزو الكامل، الذي في بعض الحالات يمكن أن ينتهي إلى احتلال. بيتريس ينصح بنسيان القاعدة المقتبسة من البياعين الذين يتاجرون بالصحون، القائلة: إذا أنت كسرت فنجانا، فأنت مُلزم بشرائه. على العسكريين أن يتعلموا سرعة مغادرة أرض المعركة، لأنه من الصعب ربح الحرب من وراء قلوب وعقول السكان المحليين. علاوة على ذلك، ينبغي تعلم التعاون مع الخصوم المهزومين. ويخلص بيتيرس إلى ضرورة التحلي بالحكمة لتمييز الأعداء الذين يمكن التعاون معهم فيما بعد، والأعداء الذين يجب إبادتهم.

ترجمة: د. محمد الطاهر الحفيان



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

LinkWithin

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...