2011/02/21

جماهيرية الأوهام




تؤكد خبرة اثنين وأربعة عاما من الحياة في ربوع نظام القذافي الكئيبة أن لا شيئ يجدي لاقناعه بأنه اخطأ في يوم ما قولا أو عملا أو حتى نوايا.. والرجل له العذر فقد وصل إلى السلطة طري العود في السابعة والعشرين من عمره، ناهيك من أنه نمى في مجتمع بدوي يعيش خارج الزمن. أما خبرته اللاحقة فقد تشكلت بتأثير شخصية مركبة شديدة التعقيد مليئة بالطموح ومتأججة بالمشاعر زادتها بلة السلطة والنفوذ الهائلان وامكانيات مادية لا حدود لها. وفي المحصلة تكون نموذج مشوه لأعتى دكتاتور شهدته المنطقة العربية.
دكتاتورية القذافي تتميز بأنها ترفض الواقع الأرضي الطبيعي والمتغير قطعيا وتضع بدائل وهمية تدافع عنها بطريقة مسرحية مضحكة.
القذافي بنى نظاما بديعا في دولته، شكله لغويا ودعمه بأطر ومؤسسات سطحية كرتونية حتى أصبح ظاهرة صوتية هيمنت لتصبح شريعة ومنهجا وطريقة عيش تمكنت منه حتى صار من المستحيل ايقاظه من غيبوبته السلطوية لإسداء النصح له على شاكلة محاولة بعض الطيبين الجسورين أن يقولوا: افتح عينيك فكل ما تقوله هراء وكل ما تفعله عبث لا طائل منه..
ظاهرة القذافي الصوتية استفحلت وصارت مرضا مزمنا تقرحت له كل مناحي الحياة في ليبيا وتلوث الإنسان، واثقل كاهله الفقر والجهل والمرض واليأس.. ومع ذلك النظام البديع الذي يديره القذافي وحيدا متوحدا على الرغم من شعارات اعتاد على مضغها بأن لا منصب له ولا سلطة ولا قرار ولا حل ولا ربط، يردد بلا كلل بان شعبه سعيد بسلطته الوهمية وثروته التي لم يرها وبسلاحه الذي أزهقت به أرواح أبنائه وأُهدرت ثرواته ..
وهكذا صار الكذب المبرمج المرضي شريعة وعرفا وقانونا وواقعا في دولة كئيبة متسلطة مترهلة وظيفتها الأساسية بيع النفط وجمع أموال الضرائب واجترار الشعارات الخاوية من دون تقديم أي خدمات طبيعية تسند شعبا يعيش على الكفاف منذ اثنين وأربعين عاما عن عمد وسابق تصميم وترصد..
ظاهرة القذافي في إدارته لليبيا في المحصلة هي جريمة كبرى اقترفت ولا تزال عن عمد وسابق تصميم وترصد ولا شيء يشبهها أو يبررها مهما كابر المكابرون.

محمد الطاهر الحفيان






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

LinkWithin

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...